/ الفَائِدَةُ : (106) /

27/05/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / التعاطي مع الاِعتبار والغفلة عن الحقيقة / هناك مبحثٌ لطالما أُكِّد عليه في أَبواب المعارف ، حاصله : « أَنَّ مصاديق المعاني الَّتي يتعاطاها أَهل الدُّنيا غالباً ما تكون اِعتباريَّة ومجازيَّة ، ويعيشون حالة الغفلة عن الحقيقيَّة منها ، والحال أَنَّ عَالَم الاِعتبار والمجاز مهدٌ تربويٌّ تُستفاق من خلاله الحقائق » . فالملكيَّة وما شاكلها من أَبواب المعاملات ، بل عامَّة فقه الفروع والأَسماء والأَقوال والكلمات والأَدبيَّات الفقهيَّة والقانونيَّة ، بل وغيرها الَّتي يُتعاطى بها في عَالَمِ الدُّنيا أُمورٌ اعتباريَّة لما وراءها من حقائق . فالملكيَّة وما شاكلها من أَبواب المعاملات ، بل عامَّة فقه الفروع والأَسماء والأَقوال والكلمات والأَدبيَّات الفقهيَّة والقانونيَّة ، بل وغيرها الَّتي يُتعاطى بها في عَالَمِ الدُّنيا أُمورٌ اعتباريَّة لما وراءها من حقائق . وخذ على ذلك المثال التَّالي : (الرِّفْعَةُ) و(الْعِزَّةُ)(1) ؛ فبحسب ما يتصوَّره ويتخيَّلَه أَرباب الهوى وأَبناء الدُّنيا : أَنَّهما يحصلان بكثرة : الأَولاد ، والأَتباع ، والأَموال ، والجاه ، والمظهر الخارجي الـمُمِيِّز . فلاحظ : ما أَشارت إِليه بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله تعالى : [فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ](2). ثانياً : بيان قوله تقدَّس ذكره : [وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا](3). ومن ثَمَّ كان الظَّالم هو الأَعزُّ بحسب المحاسبات الدُّنيويَّة ؛ فيُحسب أَنَّ الرِّفْعَةَ والْعِزَّةَ تتمُّ من خلال : سفك الدِّماء ، وهتك الأَعراض ، ونهب الأَموال ، لكنَّ : واقعهما أَنَّهما : للَّـه عَزَّ وَجَلَّ ، ولسَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، ولسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . فانظر : ما أَشارت إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان قوله تعالى : [وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ] (4). 2ـ بيان قوله جلَّ قدسه : [وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا](5). وبالجملة : المشهد الحقيقي الَّذي يعيشه البشر في عَالَمِ الدُّنيا عبارة عن مسرحيَّات تمثيليَّة لِمَا وراء ذلك من حقائقٍ ، وهذا أَحد تفاسير : أَوَّلاً : بيان قوله تعالى : [فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ](6). ثانياً : بيان قوله تقدَّس ذكره : [اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ](7). ثُمَّ إِنَّ لُغَة الاِعتبار وإِنْ أُخذت في أَبواب فقه الفروع كطريق موصل للحقائق ، لكنَّها لم تُؤخذ كذلك في غيرها من أَبواب فقه المعارف والعقائد ، فإنَّ الحاكم فيها لُغَة الحقائق . وهذه توصية وقاعدة مُهمَّة ، وقاموس وناموس مطَّرد ، وأَصل أَصيل لا بُدَّ من ضرورة مراعاته ، لكنَّه يُغفل عنه عادةً . وهذا ما تشير إِلَيْه بيانات الوحي ، منها : بيان سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : «النَّاس نيام فإِذا ماتوا انتبهوا»(8) ، فنفس ما يحسبه الإنسان يقظة في عَالَم الدُّنيا رقدة ونومة عميقة وسكرة عن الحقيقة ، نظيرها : رؤى المنامات ، فإنَّ صاحبها يأخذها حال نومه مأخذ الجدِّ والحقيقة ، فيُصيبه الجَذَل والبهجة ويبكي سروراً إِنْ كانت زاهرة ، ويصيبه السدم والوجل والوهل ، وترتعد فرائصه ويحصل له : البكاء والشهيق والزفير والحركات البدنيَّة إِن كانت سيِّئة ، غير أَنَّه سرعان ما تنكشف له الحقيقة بعد ما يستفيق ليجدها كرماد تذروه الرِّياح ، ليس لها عين ولا أَثر . فعلى اللَّبِيبِ أَنْ يكون ذا عينين ، ويُشَمِّر عن ساق الْجِدِّ والاِجتهاد ؛ ليتخلَّص من هذه الرَّقْدَةُ والسَّكْرَةُ ؛ ليفوز بالحسنيين قبل الفوات . وهذا ما دعت إِليه بيانات الوحي ، منها : بيان سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : « موتوا قبل أنْ تموتوا »(9). والتخلُّص من ذلك وإِنْ كانت فيه حزازة ومرارة لكنَّهما(10) حلم، يجد لذَّته(11)بعد اِنكشاف الحقيقة. فلاحظ: بيان سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ (12) : « ... الدُّنيا حلوها ومرّها حلمٌ والإنتباه في الآخرة »(13)، فسفك الدِّماء في سبيل الله عَزَّ وَجَلَّ وإِن كانت فيه مرارة ، لكنَّ مَنْ يستفيق يجده شهد المذاق ، وجراحات السلاح والحديد برداً وسلاماً . ومن ثَمَّ ورد في بيان الدُّعاء في زيارة سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « اللَّهُمَّ اِجعَل ما أَقُولُ بلساني حقيقته في قلبي وشريعته في عملي »(14). وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يَجْدُرُ صرف النَّظر في المقام إِلى القضيَّتين التَّاليتين : الأُوْلَىٰ: / تداخل بين عناوين الفضائل والكمالات وأَضدادها/ يوجد غالباً بين عناوين الفضائل والكمالات ـ كالخضوع لِلّٰـه ولأَوليائه ـ وبين أَضدادها من عناوين الرذائل ـ كالذلِّ لغير اللّٰـه ولغير أَوليائه ـ تداخل وتشابه واشتباه. القضيَّة الثَّانية: / اِبْهَام في المباحث النَّظريَّة في عِلْمِ الأَخلاق/ / اِنعكاس المنظومة الأَخلاقيَّة على التَّشريعات القانونيَّة والحقوقيَّة/ إِنَّ كثير من المباحث النَّظريَّة في عِلْمِ الأَخلاق مُجملةٌ ومُبهمةٌ ، وليست معروفة في الأَوساط الْعِلْمِيَّةِ فضلاً عن غيرها . بعد الْاِلْتِفَات : أَنَّ المنظومةَ الأَخلاقيَّةَ : أَرضيَّةٌ لفلسفة : القانون والحقوق ، ومن ثَمَّ وقع اختلاف كثير ـ نتيجة عدم إِلمام المُشرِّع للقوانين والحقوق الوضعيَّة بالمنظومة الأَخلاقيَّة ـ بين نفس مُشرِّعي القوانين الوضعيَّة ، بل وبين نفس مُشرِّعي الحقوق الوضعيَّة ؛ وذلك بسبب اختلافهم في فلسفة قوانين المنظومة الأَخلاقيَّة والتَّنظير الأَخلاقي . (2) القصص : 79 . (3) الكهف : 34 . (4) المُنَافِقُون : 8 . (5) الفرقان : 27 . (6) قٓ: 22. (7) الحديد: 20. (8) بحار الانوار ، 50 : 134 . (9) بحار الانوار ، 69 : 59 . (10) مرجع الضمير: الـ (حزازة) والـ (مرارة). (11) مرجع الضمير: (التخلُّص). (12) مرجع الضمير: الـ (حزازة) والـ (مرارة). الأَمر الأَوَّل: / لسَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ خصائص تفرَّد بها / إِنَّ لسَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ خصائص تفرَّد بها من بين أَئِمَّة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، منها : أَنَّ له سؤدد وهيبة تأتي بعد سؤدد وهيبة سَيِّد الْأَنْبِيَاء وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم وعلى آلهم)، ومن ثَمَّ لم يقتله فردٌ ولا مجموعة، بل جيش، ولم يُقتل مباغتة ولا علانيَّة بالمبارزة، وإِنَّما من بعيد؛ فقد اِجتمع عليه أَهل الكوفة وأَحاطوا به، واَفترقوا عليه أَربع فِرَق من جهاته الأَربع: فِرْقَة بالسيوف، وهم الأَدنون منه ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ). وفِرْقَة بالرماح، وهم الجوالة حوله. وفِرْقَة بالنِّبَال، وهم الرُّمَاة من أَعالي التلال. وفِرْقَة بالخشب والعصا والحجارة، وهم الرَّجَّالة المنبثَّة حوالي الخيَّالة. واثخنوا جثمانه ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) بالجراح الدامية، وأَكثرها في مقاديمه حتَّىٰ قطَّعوه إِرْبَةً إِرْبَةً. وهذه سُنَّة إِلٰهيَّة وناموس إِلٰهيّ. وقد ورث ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) بالوراثة الاِصطفائيَّة شجاعة وجرأة جَدِّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ . الأَمر الثَّاني: / إِصْرَارُ سَيِّد الشُّهَدَاء عليه السلام على مشروعه مع تخاذل الأُمَّة واِنكفائها عن تحمُّل المسؤوليَّة / / حسّ تحمُّل المسؤوليَّة درس خطير تحتاجه الأُمَّة / / سفك الدِّماء وسلب الأَموال وما شاكلها ضرائب لتحمُّل المسؤوليَّة / / تحمُّل المسؤوليَّة أَحد المعاني الأَساسيَّة للدِّين / هناك صفحة عظيمة ومُهمَّة جِدّاً ومشرقة؛ ومن الملاحم البديعة في شخصيَّة سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، ونبض حيّ في حياته صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، ومشهد بدیع صاحبه من المدينة الُمنوَّرة إِلى كربلاء المُقدَّسة عِبر مَكَّة الُمكَّرَمة، لم تُسلَّط عليه الأَضواء، حاصله: أَنَّه خلال مسيرته ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) إِلى كربلاء واجه تخاذل من الأُمَّة، بل وتخاذل نخبها وروَّادها، وتقاعس عجيب وغريب، واِنْكِفَاء عن تحمُّل المسؤوليَّة، ولزموا جانب التَّفَرُّج، وكانت الأوراق تتساقط عن نصرته وعونه بعضها تلو الأُخرىٰ، ونُكِثَتْ معه العهود والمواثيق، لكنَّه ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) بقي جبلاً فنداً وحجراً صَلْداً، مُصرّاً على القيام بالمسؤوليَّة وإِنْ بقي وحيداً، ونكص القوم كأَنَّهم لم يسمعوا، وتناسوا وكأَنَّهم لم يعوا، قد ضرب اللّٰـه بينهم وبين الحقّ بسور ظاهره الرَّحمة وباطنه العذاب والنقمة، بعدما ملكت سجايا الحيوانيَّة أعِنَّة نفوسهم، وأَفْسَدَت ضواري الشَّهوات قلوبهم، وسيطرت مخازي العبوديَّة على طبائعهم؛ فعميت بصائرهم، وتاهت أَفكارهم، وسفهت أَحلامهم، وغشي الظَّلام الضِّياء، وسينجلي لهم القسطل، ويجنون ثمر فعلهم مُرّاً قاتلاً، ويحصدون غرس أَيديهم ذُعَافاً مُـمَقَّراً وسُمّاً قاتلاً، بعدما أَفْحَمَت الحُجَّة واِستفحل الدَّليل، واِنسَدَّ طريق الإِنكار، ولم يبقَ مجال لموقف الشَّكّ، أَو ميدان لمُشكِّك، ولم يجد صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ تلك الظروف مُبرِّرة له للتَّخلِّي عن المسؤوليَّة، بل بَدَرَ منه إِصراراً عجيباً يُحار فيه عقل لبيبها على تحمُّل المسؤوليَّة، فصار صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ـ وإِنْ كان في أَحلك الأَهوال، وأَصْعَبَ الظروف وأَعْقَدها ـ ينبوعاً مُتفجِّراً ضخَّ في الأُمَّة طابع وحسّ المسؤوليَّة في أَحوال ينقطع فيها الأَمل والرَّجاء، وهذا ـ أَي: حسّ تحمُّل المسؤوليَّة ـ أَحد العوامل والأَسباب الُمهمَّة في مسيرة المؤمن الَّتي يصرُّ عليها أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وهذا الدرس العظيم ـ أَي: حسّ تحمُّل المسؤوليَّة ـ هو الَّذي تحتاجه الأُمَّة في كُلِّ لحظة وطوال القرون المتمادية، ولا يتقاعس الفرد عن المسؤوليَّة وإِنْ تخلَّىٰ عنها ونكث الجميع، وكان يعيش الآلام المريرة. والهروب عن المسؤوليَّة أَو إِلقَائها على كاهل الغير أَو على فئةٍ مرض عضال تُصاب به الأُمَّة يؤدِّي إِلى تقهقرها، وهذا ما حاصل مع مسلم بن عقيل؛ فإِنَّ الْكُلَّ تخلَّىٰ عنه وعن المسؤوليَّة، لكنَّه لم يتخلَّ ويدخل في الصفقة. وكذا ما حصل مع أَبي الفضل العبَّاس، ومِنْ ثَمَّ ورد في بيان زيارته صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «... السَّلَام عليك أَيُّها العبد الصَّالح ... الرَّاغب فيما زهد فيه غيره ...» ، [بحار الأَنوار، 98: 219] ، فإِنَّ النَّاس كانوا زاهدين عن نصرة سَيِّد الشُّهَدَاء ، بل كانت في ذلك الزَّمان أَسمآء أَكثر لمعاناً من أَبي الفضل العبَّاس، أَخفقت في هذا الِامتحان والاِبتلاء العظيم، وفاز فيه أَبو الفضل العبَّاس؛ لأَنَّ في اِتِّبَاع سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ السيف والموت ، ومصادرة الأَموال، وخراب الدِّيار، وسبي العيال، وهذه الضَّرائب من لوازم تحمُّل المسؤوليَّة. وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي، منها : 1ـ بيان خطية أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... أَيُّها النَّاس لا تستوحشوا في طريق الهدىٰ لقلَّة من يسلكه ... ». بحار الأَنوار، 2: 266/ح27. ومعناه : لا يُعذر المخلوق من عدم سلوك طريق الحقّ وإِنْ ندر سالكيه، وسلوك طريق الحقّ يعني تحمُّل المسؤوليَّة. 2ـ بیان سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ في طريقه إِلى كربلاء : « النَّاس عبید الدُّنيا ، والدِّين لَعِقٌ على أَلسنتهم ، يحوطونه ما درَّت معايشهم ، فإِذا مُحِّصوا بالبلاء قلَّ الدَّيَّانون » . بحار الأَنوار، ٧٥: 116ـ 117/ح1. ودلالته واضحة . والمسؤوليَّة أَحَد المعاني الأَساسيَّة للدِّين ؛ فإِنَّه مأخوذ من المدينة والمسائلة ، ومِنْ ثَمَّ بقاء الدِّين ببقاء مَنْ يتحمَّل المسؤوليَّة . وهذا ما تُشير إِليه بيانات الوحي ، منها : 1ـ بیان سَيِّد الْأَنْبِيَاء الوارد في حقِّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِما وعلى آلهما : « إِنَّه مِنِّي وَأَنا منه ». بحار الأَنوار، 20: 96/ح4. الخصال، 2: 121ـ 124. 2ـ بيانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : «فاطمة بضعة مِنِّي وَأَنا منها». بحار الأَنوار، 43: 202. 3ـ بیانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيضاً : «حسن مِنِّي وأَنا منه». بحار الأَنوار، 43: 306/ح66. 4ـ بيانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيضاً : «حسين مِنِّي وأَنا من حسين». بحار الأَنوار، 43: 261/ح1. وأَحد معانيها: أَنَّ دين سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لا يبقىٰ إِلَّا ببقاء ثلَّة من هذه الأُمَّة، وهم أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، يوطِّنون أَنفسهم على فقد كُلّ غالٍ ونفيسٍ وخطيرٍ لأَجل تحمُّل المسؤوليَّة. ومنه يتَّضح : بيان سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ في مخاطبته لأَصحابه ليلة العاشر من المُحرَّم: «... وأَنتم في حلٍّ من بيعتي، ليست لي في أَعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذمَّة، وهذا اللَّيل قد غشيكم فاتَّخذوه جملاً، وتفرَّقوا في سواده؛ فإِنَّ القوم إِنَّما يطلبوني، ولو ظفروا بي لَذَهَلُوا عن طلب غيري. فقام إِليه عبد اللّٰـه بن مسلم بن عقيل بن أَبي طالب عليه السلام فقال: ... وقام إِليه ... زهير بن القين البجليُّ فقال : ... فقال صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ـ له ولأَصحابه : جُزيتم خيراً». بحار الأَنوار، 44: 316. فإِنَّه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَراد اِختبارهم وامتحانهم على مدىٰ تحمُّلهم لحسِّ المسؤوليَّة؛ لأَنَّ منشأ المسؤوليَّة ـ كما تقدَّم في الأَبحاث السَّابقة وما سيأتي (إِنْ شآء اللّٰـه تعالىٰ) في الأَبحاث اللَّاحقة ـ ليس البيعة والمصافقة والعقد الِاجْتِمَاعي، وإِنَّما الاِعتقاد باللّٰـه تعالىٰ وبرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وبسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، والِاعتقاد بلزوم تحقيق الإِنجاز والدور الإِلٰهيّ، وهذا ثابت على الُمكلَّف على كُلِّ حال. الأَمر الثَّالث: / اِستعمال سَيِّد الشُّهَدَاء عَلَيْهِ السلام في مسيره إِلى كربلاء أَساليب لفضح المُعتدي / إِنَّ ما يُثار في قضيَّة كربلاء، وتركيز الكُتَّاب والوعَّاظ وأَصحاب المنابر والخُطباء على بعض الأُمور، من قبيل: جلب سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ النِّساء للمعركة، وقال: «شاء اللّٰـه أَنْ يراهُنَّ سبايا»، وطلبه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ الماء من جيش عمر بن سعد، والمجيء بعبد اللّٰـه الرَّضيع للموادعة يراه بعض (والعياذ باللّٰـه تعالىٰ): نوع ذل واِنكسار، لا يُليق به ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وبقضيَّته . ويراه آخر : أَنَّه من ضمن سياسات التَّقدير الإِلٰهيّ الجارية على أَيدي أَوليائه وحُججه (والعياذ باللّٰـه تعالىٰ) إِغراء وتوريط ، وإِيقاع المُعتدي في الاعتداء. والصواب : أَنَّها أَساليب تستعملها رجالات الوحي وحُججه لفضح المُعتدي وأَساليبه ، كيما لا تُستر إِعتداءاته ، وأَنَّ ما يقوم به تحت غطاء الدِّين ليس هو نهج وسبيل دين اللّٰـه القويم ، بل هدم للدِّين . ويَنْبَغِي الْاِلْتِفَات : أَنَّ مفاهيم الفضائل والكمالات فضلاً عن تطبيقاتها وآليَّاتها غالباً ما تكون من الأُمور الُملبَّدة وغير الواضحة، ومباحثها من أَصعب وأَعقد المباحث. الأَمر الرَّابع: / قداسة دور سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثابتة لا تتغيَّر / هناك شُبهات وإِثارات وتساؤلات لطالما لهج بها السفسطائيُّون والحداثويُّون والعلمانيُّون والإِباحيُّون وَمَنْ جرىٰ على شاكلتهم، حاصلها: أَنَّه لماذا أَتباع مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يُركِّزون على قداسة ودور الحسين وعاشوراء؛ والقداسة تُحجِّر وتحجب العقول عن الوصول للحقيقة ؟! وبهذا النَّفس يشكلون على قضايا أُخرىٰ، منها: أَنَّه مَنْ قال: إِنَّ العِفَّة والطَّهارة والكمال وما شاكلها فضائل، وأَنَّ أَضدادها ـ التَّهَتُّك والرِّجس والنَّجَاسة والنَّقص وما شاكلها ـ رذائل؟ والجواب : أَوَّلاً : أَنَّ هذا ليس من باب إِضافة قداسة، وإِنَّما هو كشف عن واقع، وإِلفات نظر المخلوق إِلى مَنْ هو في نفسه مُقدَّس، واستشعارٌ ومعرفةٌ والتزامٌ به. وعلى هذا قس جواب التساؤل الثَّاني. ثانياّ : أَنَّ القداسة على ضربين؛ فتارة تكون لشيءٍ مكذوب، وأُخرىٰ لحقيقة مُتَّصفة بذلك واقعاً، لا سيما إِذا كانت ذاتها وصفاتها وفضائلها وكمالاتها وشؤونها وأَحوالها غير متناهية أَبداً. والأَوَّل نُسَلِّم بأَنَّه تحجير وحجب للعقول والأَفهام عن الوصول إِلى الحقيقة والكمال، بخلاف الثَّاني، لا سيما إِذا كانت ذات الحقيقة وصفاتها وفضائلها وكمالاتها وشؤونها وأَحوالها غير متناهية، وثابتة لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، ولم يصنع لها تقديس المخلوق رفعتها وعلوِّ شأنها، وإِنَّما هي مُقدَّسة وذا رفعة وعلوّ وكمال في ذاتها، وكُشف للمخلوق قداستها ورفعتها وعلوّها وعلوّ صفاتها وفضائلها وكمالاتها وشؤونها وأَحوالها، وحينئذٍ اِلتفات نظر المخلوق إِليها، واِستشعاره بها ومعرفتها والإِقبال عليها والالتزام بها تحثُّ عقله وفهمه على الحركة والتَّطوّر، وتزيد جوهره تلألؤاً ورفعةً وفضلاً وكمالاً، ومن ثَمَّ لو لم يكن للحقيقة في نفسها قدسيَّة وفضيلة وكمالاً فلِمَ تسعىٰ البشريَّة وروَّادها ونخبها للتزوّد من العلم والمعرفة ولا ترتوي منهما. / ثورة سَيِّد الشُّهَدَاء عَلَيْهِ السلام ثورة المسؤوليَّة والمُساءلة على جملة الأَصعدة / نعم، سبب إِثارة هذه التَّساؤلات والشُّبهات يكمن في أَنَّ مشروع سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وعاشوراء مشروع خطير جِدّاً على القوىٰ المُتغطرسة والمُتغلِّبة، فليس هو مشروع هادئ، بل يُحاسب جملة المخلوقات، وثورة ضدَّ الطُّغَاة وكافَّة أَلوان الطُّغيان العجيبة، وعلى جميع الأَصعدة وفي كُلِّ المواقع، فليست هي ثورة على طغیان یزید و عبید اللّٰـه بن زياد وعمر بن سعد فقط، بل وثورة على طغيان عبيد اللّٰـه بن الحر الجعفي الَّذي التقىٰ به سَيِّد الشُّهَدَاء عَلَيْهِ السلام أَثناء مسيره ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) إِلى كربلاء، وطلب منه النُّصْرَة، لكنَّه حرص وحافظ على نفسه، وتخاذل عن المسؤوليَّة ونُصْرَة الحقّ، وعرض بدل ذلك فرسه وسيفه، لكنَّ الإِمام صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ردَّهما عليه. إِذَنْ: ثورة سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ثورة المسؤوليَّة والمساءلة على كافَّة الأَصعدة، وثورة ضد جملة أَنواع الطغيان؛ سواء كان على صعيد طغيان النَّفس، أَو طغيان السَّاسة، أَو طغيان المرأة، أَو طغيان زينة الحياة، أَو طغيان بحبحة الاسم والوجاهة أَو غيرها. ومِنْ ثَمَّ لم تحجب سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فريضة الحجّ عن القيام بالمسؤوليَّة، فتحلَّل يوم التروية وجعلها عمرة مفردة وسلك طريق كربلاء. وهذا برهانٌ وحيانيٌّ عمليٌّ دالٌّ على عدم وجود شيء يحجب المُكلَّف عن القيام بمسؤوليَّاته. ومعناه: أَنَّه كُلَّما كانت المسؤوليَّة أَكبر كُلَّما وجب إِعطاؤها أَولويَّة أَكثر، فالتَّشاغل بالأَولويَّات السفليَّة أَو الوسطىٰ لا يعذر المُكلَّف عن المسؤوليَّة اِتِّجاه الأَولويَّات الأَعظم، والتَّخاذل والتَّقاعس عنها، وحينئذٍ لا ينفعه التَّبرير والاِعتذار تحت أَي ذريعة غير منطقيَّة. الأَمر الخامس: / شعار مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ضرورة الجمع بين منهجهم المجموعي / هناك محورٌ مُهمٌّ في مشروع سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ صَدَّرَهُ كَشِعَار في جملة من خطبه ووصاياه ، منها : بيان وصيَّته لأَخيه مُحمَّد بن الحنفيَّة : «... أَنَّ الحسين يشهد أَنْ لَا إِلٰه إِلَّا اللّٰـه وحده لا شريك له، وأَنَّ مُحمَّداً عبده ورسوله ... وأَنِّي لم أَخرج أَشَراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإِنَّما خرجتُ لطلب الإِصلاح في أُمَّة جدِّي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، وأُريد أَنْ آمر بالمعروف وأَنهىٰ عن المنكر، وأَسير بسيرة جدِّي وأَبي ...». بحار الأَنوار، 44: 329. وهذا المحور موجود أَيضاً في كثير من الزيارات المُستفيضة ، كـ : زيارات سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، وزيارات أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وزيارات سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وجميعها تُبيِّن أَنَّ المُزار الأَوَّل في زيارة كُلّ معصومٍ هو اللّٰـه عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ فاطمة الزهراء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْها ، ثُمَّ الحسنين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِما . فلاحظ : بيان زيارة عاشوراء : «... إِنِّي أَتَقَرَّب إِلى اللّٰـه وإِلى رسوله وإِلى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وإِلى فاطمة وإِلى الحسن وإِليك بِمُوالاتِكَ، وبالبراءة مِمَّن قاتلك ونصب لكَ الحرب ...». بحار الأَنوار، 98: 294. وهذا المحور والشعار عبارة عن ضرورة الجمع بين المنهج المجموعي لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، أَي: التَّركيز على اِتِّباع منهجهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، أَوَّلهم سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ . الأَمر السَّادس : / ظواهر تكوينيَّة حصلت بعد اِستشهاد أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وسَيِّد الشُّهَدَاء عَلَيْهِما السلام/ ذكر ابن عساكر الدمشقي في تأريخ دمشق وابن كثير والطَّبري وغيرهم روايات من طرق أَهل الخلاف المُستفيضة، بل المتواترة أَوردوها في ذيل تفسير بيان قوله تعالىٰ: [فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ] [الدخان: 29] في البوادر الكونيَّة الحاصلة بعد استشهاد سَيِّد الشُّهَدَاء صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : اَنَّ السَّمآء بكت دماً لاِستشهاده، وأَنَّ بعض البلدان الإِسلاميَّة كالمدينة المنوَّرة والكوفة بقيت جدران مبانيها أَربع سنين من حين اِستشهاده صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَنْضَح دماً بحيث لا تُنشر عليها الثياب إِلَّا وتلطَّخت بالدِّماء. وهذه الظَّواهر الكونيَّة حصلت أَيضاً من قبل عند اِستشهاد أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. الأَمر السَّابع: / غالبيَّة الكوفة في أَحداث كربلاء أُمويَّة الهوىٰ / إِنَّ الكوفة كانت في زمن أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ والحسن والحسين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، بل وفي زمن المختار ـ وانتصاره كان أَشبه بالمُعجزة ـ تضمُّ تيَّارات مُختلفة؛ فلم تكن جميعها شيعيَّة، وإِنَّما ثلَّة قليلة منها تقرب إِلى الثلث كانت موالية لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، والأَكثر كانوا مُناوئين لهم ( صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)، وكان يسكنها بعض أَهل الشام وسائر فلول من مناطق أُخرىٰ. إِذَنْ: مدينة الكوفة في أَحداث كربلاء كانت الشيعة فيها أَقلِّيَّة، والأَغلبيَّة أُمويَّة وعثمانيَّة الهوىٰ، وبحسب الرُّوايات التَّأريخيَّة كان ـ بالدِّقَّة ـ ثلاثة أَخماس سُكَّانها على أَقلِّ تقدير نواصب؛ أُمويِّين وعثمانيِّين، ومن ثَمَّ كان اِنتصار المختار إِعجازاً إِلٰهيّاً. الأَمر الثَّامن: / خطورة كتاب (كامل الزيارات) / كان ابن قولويه مرجع الشيعة في بداية الغيبة الکُبریٰ، وكانت مرجعيَّته تُنافس مرجعيَّة الشَّيخ الصَّدوق، هاجر من مدينة قم إِلى بغداد، وتتلمذ على يديه الشَّيخ المفيد في كافَّة دروسه الفقهيَّة، ومع عظم شأن هذا الشَّيخ الجليل وعظم جهوده وتصنيفاته برز من بينها كتاب (كامل الزيارات) والَّذي ركَّز فيه على فقه الشعائر. ولا يَشُمَّ مَنْ لا يتدارس هذا الكتاب أَو لا يتباحث به، و يغوص في أَعماق ما فيه أَبْجَدِيَّات بحث الشَّعائر الحسينيَّة وشعائر الزيارات. الأَمر التَّاسع: / زيارة عاشورء / زيارة عاشوراء منشور عصري عالمي أَبدي، ونور ساطع في العقل البشري. (13) بحار الأنوار، 11: 150. (14) كامل الزيارات: 358/ح1